روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | تجربة الخروج عن الذات والغوص في أعماق الآخر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > تجربة الخروج عن الذات والغوص في أعماق الآخر


  تجربة الخروج عن الذات والغوص في أعماق الآخر
     عدد مرات المشاهدة: 2463        عدد مرات الإرسال: 0

في بحار التجربة ألف سؤال وسؤال، وألف غريق وغريق، وألف لؤلؤة ولؤلؤة، وألف محارة فارغة ومحارة مليئة بكنوز.. وعجائب وعجائب.. وهناك إحتمال كبير أن نغرق في هذا البحر لو لم نكن نجيد السباحة.. أو نستخدم أدوات الملاحة الصحيحة.. نفرد أشرعة الروح البيضاء ونبحر.. ما دمنا نسبح في بحار الغير فلا مفر من إستخدام أسإليبهم في هذه البحار.. ولا بد أن نبدأ رحلتنا البحرية وأشرعتنا مفتوحة لكل الرياح القادمة من أبواب الكون.. ونريد عقلا محايدًا قبل كل شيء، لا نريد أحكامًا مسبقة أو أفكارًا جاهزة للحكم علي الآخر قبل الخوض في عالمه وفي امواجه العميقة فالإنسان هو البحر الحقيقي، حين يحب الإنسان يتحول إلى محيط لا نهائى فالصفاء في حب الله هو لب الإسلام ومنه يأتى حب الذات وحب الآخر. وهل هناك وجود حقيقي لمثل هذا الحب والصفاء والسمو؟ يقول الصوفية: إن هناك وجودا لهذا المخلوق فمن صفا قلبه لله وشاهد حكمته ورأي بديع صنعه لم يكدره شيء حتى الكوارث والآلام لا تخدش صفاءه، ويقول أحمد بن حنبل: أنا جنتي بين صدري، وكلما ارتقي الانسان اقترب من الله عز وجل، وكلما اقترب تحير وزادت دهشته وسجد قلبه وروحه لله وتمنى ان يموت راضيا مراضيا .

فهم الإنسان لدوره في الحياة وضآلته أمام الكون والله يقودانه إلى إدراك عظمة الخالق وضعف المخلوق.. ولا يملك الضعف أمام العظمة سوي الحب أن الانسان عندما يبدأ حياته يكون في حالة من الذاتية أو التقوقع حول الذات ففى علم تفس النمو نجد ان مراحل الطفولة خاصة الأولى منها يكون الطفل عالمه هو ذاته وذاته هى محور الكون عنده،ومع تطور النمو والاتجاه نحو الرشد والنضج يخرج الفرد من عالم الذاتيه نحو عالم الآخر وكلما كان خروجه أعمق واقوى كلما كان نضجه أكبر وأعظم ويتمثل ذلك في عمق التجربة وعمق العطاء بلا حدود ومن غير مقابل.

هناك أشكال كثيرة من العطاء تتمثل في المشاركة الوجدانية أو الإنفعالية والخوف على الآخر حتى نفديه بالكثير بل بالروح أحيانا والتقمص أو التوحد معه وأشكال الحب الراقي من أبوة وأمومة وزوجية وحتى الحب العاطفى بين العاشقين. فلا يفقد الفرد ذاتيته ولا يفقدها للآخر ايضا بل هو تفاعل وتلاقى وتكامل بين شخصين.

أما نظرت يوما وتأملت في تجربة الأوانى المستطرقة ليكون لها معنى إنساني!، انها تجربة النضج والعطاء الانسانى بلا حدود حيث المشاعر الراقية وسمو الذات والأحاسيس العميقة عبر الذات والآخر معا دون دواع مادية أو شهوات جسدية أو رغبات نفسية أو امراض قلبية... انها السمو الانسانى في أجمل معانيه.

هى تجربة صوفية من حيث العطاء بلا حدود وإنسانية من حيث رقى الذات والروح ودينية وأخلاقية من حيث حب الآخر كحب النفس بل اكثر... ولكن أين ذلك من عالم اليوم الذى سادت فيه المادية الطاغية والأنانية والذاتية المفرطة والصراعات البشرية وأمراض النفس والقلوب...نفعية طاغية ,كذب ونفاق وغش وخداع وخيانة للنفس والآخرين.

والسؤال الذى أطرحه هنا هل هناك وجود لهذا العالم الذى قد يقول البعض عالم الرومانسية الحالم وأحلام اليقظة والمثالية المفرطة؟ من وجهة نظرى الشخصية البحته وتجربتى الذاتية هو حق ويقينا موجود وأنا على ذلك من الشاهدين!!.

الكاتب: د.أيمن غريب قطب.

المصدر: موقع المستشار.